هيأة عمل الزوايا
تأسست الهيئة بعون من الله في العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم لعام 1434 ه الموافق لشهر غشت 2013 م
يوجد مقر هيئة عمل الزويا لجهة مراكش تانسيفت الحوز بزاوية إمام الجزولي المدينة القديمة مراكش
لعله من تحصيل الحاصل الإقرار بالدور المتعاظم لعمل الزوايا الذي أصبح يرتهن إليه المشهد الحياتي لأهل المغرب، والتنامي الواضح للتربية السلوكية التي تمحضت لها وظائفها فدعمت أركان الهوية المغربية ومنعت حصونها من عوامل التجاذب والتهافت. ولئن تهيئت نفوس أهل العصر لتعرف الميراث الروحي للمغرب.. واطمئنت إلى أحب ما تطمع النفوس في الأمن عليه أي الدين والعقيدة.. فإن الأصوات ما فتئت ترتفع منادية بإحلال هذا الميراث الحي حله من عناية المجتمع الأهلي.. وترجمته سلوكا وطنيا عبر مؤسسات المجتمع المدني وخدماتها العامة.. في أفق توطيد مؤسسات الصلاح، وإشراك محبتها ورحابتها في أعمال الخير والإحسان. بهذا المعنى أنشئت "هيأة عمل الزوايا بجهة مراكش تانسيفت الحوز" لتستدعي هذا العمل المغربي منارة يشع نورها من عمق التاريخ.. فالمتأمل لفصول ماضي مراكش وأرباضها يستجلي حقيقة تركز الولاية بهذه الوجهة الوجيهة واستقرار صور من الصلاح تأثرت بها كل مظاهر حياة أهلها دينيا واجتماعيا وثقافيا.. بحيث كانت هذه المظاهر وما تزال ترسيخا لعمل الزوايا في روحانيته وعاملا للتلحيم الاجتماعي والسلوكي بين الناس..
إن لحظة رباط سيدي شيكر لتؤسس لهذا العمق الروحاني إذ تصل بشرف الصحبة بين رجال رجراجة السبعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم.. وليس غريبا أن ترعى مراكش –منذ تأسيسها- هذا الشرف بشد الرحال لزيارة هذا الرباط والتشوف لخصوصيته كمجمع للصالحين من قديم حسب قول الشيخ المجدد الحسن اليوسي.. ثم تتوالى عوارف الخير والبركة باستمداد رجال مراكش السبعة من هذا النبع الروحي الذي تنافس المراكشيون بل أهل المغرب في اعتبار نفاسته واستلهام رموزه الإنسانية.. إن الزوايا أو أضرحة الصلحاء شكلت قطبا لقوة روحية.. فعددها الذي يتجاوز الثلاثمائة بمدينة مراكش وحدها يؤشر على أصالة المعطى الروحي وترسخ عمل الزوايا إذ أن أساسها هو تعرف الناس إلى ربهم واستمدادهم من فيض هذه الصلة روحانية "كريمة" تسمو بها نفوسهم وتزكو بها علاقتهم ببعضهم.. لقد كانت مراكش، وما تزال، بلدا تفنّن نسيجُ الَولاية والصلاح في إبداع صنعه، فرسم زيارة الأضرحة وغشيان الزوايا ما فتئ يملأ قلوب الآلاف من ساكنتها أو الوافدين عليها من مختلف ربوع المغرب وبقاع العالم.
أما جهود الجمعيات الأهلية في هذا السبيل فخليق أن يتصل الحديث فيها لدورها الكثير في الحفاظ على هذا الموروث وتجديده واستيعاب عناصره الفكرية وتعبيراته الفنية المميزة لميراث الزوايا بالجهة. فهناك مثلا جمعيات تعنى بالموروث الصوفي تعريفا ودراسة في إطار مجالسها الأدبية والعلمية (جمعية ديوان الأدب) أو تتهمم بأدبياته، في الذكر كجمعيات المديح والسماع (الجمعية العباسية، جمعية ابن العريف، الجمعية اليوسفية...) أو تلاوة دلائل الخيرات (الرابطة الوطنية للطريقة الجزولية الجمعية الجزولية، جمعية الشرفاء...) أو جمعيات الملحون التي كشفت عن نصوص زجالي المغرب المربين بنفحات التصوف (جمعية هواة الملحون- جمعية الشيخ الجيلالي مثيرد...) وقريبا من هذا النفس الروحاني تزاول جمعيات شبابية ونسائية مهام إحسانية وخيرية تستوحي مذهب السيخ أبي العباس السبتي حين نص على لباب القوانين الشرعية هو الصدقة والإحسان.. وأنه بالجود ينفعل الوجود..
و لا يخفى ما في مهرجانات الجهة من سعي للكشف عن الصيغ العلمية والفنية والجمالية المرتبطة بالعمل الصوفي بالجهة:
أما على المستوى الجامعي الأكاديمي فتعدد الأوراش العلمية والبحوث الجامعية تترجم تمثلات الأكاديميين والباحثين ف المجال الصوفي. المواطن المغربي – ترصيص الصفوف وجمع الناس على كلمة الله.
إن "هيأة عمل الزوايا بجهة مراكش تانسيفت الحوز" لهو عمل إحيائي من أعماق هذه المدينة، وانبعاث جديد لتاريخها الذي صنعه الأولياء.. وقد كانت لقاءات سيدي شيكر العالمية للمنتسبين للتصوف المنعقدة سنة 2004 سُنة وفرصة لإشارات حملت الكثير من الأساسيات التي لمّا تزل من صلب عمل الزوايا ومن أولى مهماتها: الإيمان بالمنهج الإحساني المستمد من القرآن الكريم- الإسهام في البناء المنهجي لترقية إن هيئة عمل الزوايا بجهة مراكش تانسيفت الحوز بشخصيتها المعنوية المستقلة أو بتمثيلها لنفسها قانونيا ورسميا.. لا تمثل بأي حال زوايا الجهة وأضرحتها.. لكن غايتها وطِمَاحَها هو العمل إلى جانب هذه الزوايا في إبلاغ رسالتها الروحية والتربوية، والتمكين لقيمها الحضارية..
غلاف كتاب دلائل الخيرات و شوارق الأنواركتاب دلائل الخيرات و شوارق الأنوار